بسم الله الرحمن الرحيم
ينساب الحب حنينا في الاعماق ..
من ينابيع الموده........ السلام عليكم
قد لا يكون هنالك مبدأ آخر يأسر المخيلة اكثر من فكرة السفر عبر الزمن والقدرة على الانتقال الى نقطة في الماضي او
المستقبل. ويبدو اننا جميعا في حالة او اخرى، مسافرون عبر الزمن
فبينما نجلس على مكاتبنا ونقوم باعمالنا، فان الزمن يسافر من حولنا حيث يتحول المستقبل في لحظة الى ماض عبر الحاضر الذي يدوم لثوان. وكل شيء نقوم به الآن يتحرك متحولا الى ماض ما يعني اننا نستمر بالتحرك عبر الزمن.
ان افكار السفر عبر الزمن كانت موجودة على مدى قرون، لكن عندما نشر البيرت اينشتاين نظريته النسبية فقد وضع الاساس للاحتمالية النظرية للسفر عبر الزمن. ووضع الفلكي كارل ساغان الامر بالموضع الصحيح عندما قال ان الوقت" مقاوم للتفسير البسيط" حيث يعتقد الكثيرون انهم يعرفون ما هو الوقت، لكنه من العصي عليهم تعريفه. ويشعر اغلبنا بضغط الوقت عندما يتم اجبارنا للايفاء بمواعيد نهائية وابرام المواعيد. وغالبا ما تحكم حياتنا بمقدار الوقت الذي نحتاجه لكي نكون في مكان ما.
ويعرف الوقت ايضا على انه البعد الرابع للكون. والابعاد الثلاثة الاخرى تعود للفضاء وتتضمن الاعلى- الاسفل و اليسار- واليمين و الامام- والخلف. والوقت لا يمكن ان يتواجد من دون فضاء والفضاء ايضا لا يمكن ان يتواجد بدون وقت. وهذه العلاقة الترابطية بين الوقت والفضاء تسمى الكمية الفضائية الوقتية المتصلة والتي تعني ان اي حدث يحدث في الكون ينطوي على كل من الفضاء والوقت.
ووفقا لنظرية اينشتاين النسبية فأن الوقت يبطئ في حركته عندما يقترب جسم ما من سرعة الضوء. هذا جعل الكثير من العلماء يعتقدون ان السفر اسرع من سرعة الضوء يمكن ان يفتح الباب امام احتمالية السفر عبر الزمن الى الماضي او المستقبل. والمشكلة هي ان سرعة الضوء يعتقد بانها اعلى سرعة يمكن ان ينتقل بها شيء ما فمن غير المحتمل ان نكون قادرين على السفر عبر الماضي. وعند اقتراب جسم ما من سرعة الضوء فان كتلته النسبية تزداد حتى تصل عند سرعة الضوء الى كتلة غير محددة. وتسريع الكتلة المطبقة اسرع من ذلك هو امر مستحيل او على الاقل مستحيل في الوقت الحاضر.
لكن السفر بالزمن بالاتجاه الاخر ليس بهذه الصعوبة وقد يتحول المستقبل في يوم ما الى وجهة سفر محتملة.
ولا تعتمد اغلب نظريات السفر عبر الزمن على الآلة بل عوضا عن ذلك فانه يمكن تحقيقه عن طريق ظاهرة طبيعية تنقلنا مباشرة من نقطة ما الى اخرى. وهذه الظواهر الطبيعية التي نحن حتى لسنا متأكدين من وجودها هي الثقوب السوداء الدوارة الثقوب الدودية والاوتار الكونية.
عندما تصل النجوم التي تبلغ كتلتها اربعة اضعاف كتلة شمسنا، الى نهاية عمرها وتحرق كل وقودها، فانها تنهار تحت ضغط وزنها الخاص. هذا الانفجار يخلق" ثقوبا سوداء" تمتلك حقول جذب قوية الى درجة ان الضوء لا يستطيع الافلات منها. وكل ما يكون باتصال مع افق احداث هذه الثقوب سيتم امتصاصه حيث يعتبر افق الاحداث هو حدود الثقب الاسود التي لا يمكن لاي شيء ان يفلت منها.
ويمكن ان تصور شكل الثقب الاسود مثل قمع الايس كريم حيث ان اسفل نقطة فيه تسمى النقطة الانفرادية. عند هذه النقطة تتوقف قوانين الفيزياء عن العمل وتتدمر كل المادة. ويسمى هذا النوع من الثقوب السوداء غير الدوارة ( ثقب شوارزتشايلد الاسود) تيمنا بالفلكي الالماني كارل شوارزتشايلد.
هنالك نوع اخر من الثقوب السوداء يسمى ثقب كير. وهذا النوع من الثقوب يكون دوارا ويمكن استخدامه كمدخل للسفر عبر الزمن او السفر الى الاكوان الموازية. وقدم العالم الرياضي النيوزلندي روي كير العام 1963 اول نظرية واقعية بشأن الثقوب السوداء الدوارة قال فيها ان النجوم الميتة تنهار مكونة حلقة دوارة من النيوترونات تنتج قوة طاردة كبيرة تمنع تكون نقطة الانفرادية. وعند عدم امتلاك الثقب الاسود لنقطة انفرادية، فانه وفقا لاعتقاد كير سيكون من الآمن الدخول اليه من دون ان تسحق نتيجة لقوة الجذب المطلقة في المركز.اذا ما كانت ثقوب كير موجودة فسيكون من المحتمل المرور عبرها والخروج منها عبر ثقب ابيض فيها. والثقب الابيض قد يؤدي فعلا معاكسا لفعل الثقب الاسود وبذلك وعوضا عن سحب كل شيء الى قوة جاذبيته، فانه قد يستخدم نوع ما من مادة دخيلة ذات طاقة سلبية لدفع كل شيء خارجه وبعيدا عنه. وهذه الثقوب السوداء قد تكون طريقنا للدخول الى ازمان وعوالم اخرى.
ويعتقد العالم كيب ثرون من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا ان قوانين الفيزياء تمنع تكون هكذا ثقوب، مضيفا انه ليس هنالك طريقة كهذه للدخول والخروج من الثقب الاسود وان كل شيء يحاول الدخول اليه سيتم امتصاصه الى الداخل ويتم تدميره قبل الوصول الى نقطة الانفرادية.ويعتقد ثورن انه يمكن ان يكون هنالك نوع اخر من البنى الشبيهة بالانفاق والموجودة في الكون ويمكن استخدامها كبوابات للسفر عبر الزمن. وتعتبر الثقوب الدودية او جسور اينشتاين روزين على انها الثقوب التي تمتلك اكثر الاحتمالات المستقبلية لهكذا سفر اذا ما كانت موجودة. فهي لن تسمح لنا بالسفر عبر الزمن، بل انها ستسمح لنا بالسفر سنوات ضوئية كثيرة من الارض بمجرد جزء ضئيل من الوقت الذي تستلزمه منا اساليب السفر التقليدي في الفضاء.
وتعتبر الثقوب الدودية محتملة الوجود بناء على نظرية اينشتاين والتي تقول بان اية كتلة تنحني بالزمان والمكان. الكتل التي تولد ضغطا على اجزاء مختلفة من الكون قد تجتمع في نهاية المطاف لتكوين نفق يسمى بالثقب الدودي يسمح بالسفر من الارض الى مجرة اخرى والعودة بسرعة.
هنالك نظرية اخرى عن الكيفية التي قد نسافر فيها جيئة وذهابا عبر الزمن تستخدم مبدأ الاوتار الكونية الذي اقترحه الفيزيائي ريتشارد غوت العام 1991 . وهذه وكما يوحي اسمها اشياء شبيهة بالاوتار يعتقد الكثير من العلماء انها تكونت في الفضاء المبكر. وقد تحدد هذه الاوتار الطول الكلي للكون وهي تتعرض لضغط هائل يصل الى ملايين الملايين من الاطنان.
وهذه الاوتار الكونية التي تكون انحف من الذرات قد تولد مقدارا هائلا من الجذب على اي شيء يمر بالقرب منها.والاشياء التي تلامس هذه الاوتار قد تنتقل بسرع لا يمكن تصورها. وبما ان قوتها الجذبية يمكن ان تحرف العلاقة الزمانية المكانية، فانه يمكن ان تستخدم للسفر عبر الزمن. واذا ما سحبنا وترين كونيين قرب بعضهما البعض او وتراً كونياً قرب ثقب اسود ، فانه من المحتمل ان نتمكن من طي العلاقة الزمانية المكانية بمقدار كاف لخلق منحنيات شبيهة بدائرة زمنية مغلقة.
ويمكن تحويل المركبة الفضائية الى آلة للسفر بالزمن من خلال استخدام الجاذبية التي ينتجها وتران كونيان او وتر وثقب اسود ويمكن الانتقال بها الى الماضي. لكن هنالك تكهنات حول اذا ما كانت تلك الاوتار موجودة وما هو شكلها. ويقول غوت نفسه انه من اجل السفر الى الوراء لمدة عام واحد فان ذلك قد يستلزم مجموعة من الاوتار التي تحوي نصف كتلة الطاقة الموجودة في المجرة بكاملها.
وكما قلنا سابقا فان النظرية النسبية تشير الى انه عند اقتراب سرعة شيء ما من سرعة الضوء، فان الوقت يبطئ. ووجد العلماء انه حتى عند سرعة المكوكات الفضائية، فان رواد الفضاء يمكن ان يسافروا بضعة اجزاء من الاف من الثانية الى المستقبل.
اذا ما تمكنا يوما من تطوير نظرية قابلة للتطبيق للسفر عبر الزمن، فاننا سوف نفتح القدرة على خلق مشاكل معقدة تسمى التناقضات. والتناقض يعرف على انه الشيء الذي يناقض نفسه. وهنا سنورد مثالين هما:
1- لنقل انك استطعت السفر الى الماضي الى فترة تسبق ولادتك. فان فكرة تواجدك في وقت سبق ولادتك ينطوي على تناقض.
2- والتناقص الثاني هو ما يسمى بتناقض الاجداد. فما الذي سيحدث اذا عاد مسافر الزمن الى الماضي وقتل احد اسلافه قبل ولادة المسافر؟ اذا ما قتل جده فكيف يمكن ان يكون هذا الشخص حيا ليعود ليقتل جده؟ فقدرتك على تغيير الماضي قد يخلق عدداً غير محدد من التناقضات.
.....................
والان اتمنى ان الا تبخلوا بالردود